{فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } أن يلطف به ولا يريد أن يلطف إلاّ بمن له لطف {يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } يلطف به حتى يرغب في الإسلام وتسكن إليه نفسه ويحبّ الدخول فيه {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } أن يخذله ويخليه وشأنه، وهو الذي لا لطف له {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً } يمنعه ألطافه، حتى يقسو قلبه، وينبو عن قبول الحق وينسدّ فلا يدخله الإيمان. وقرىء: «ضيقاً» بالتخفيف والتشديد: {حَرَجاً } بالكسر، حرجاً - بالفتح - وصفاً بالمصدر {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَاء } كأنما يزاول أمراً غير ممكن. لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد من الاستطاعة، وتضيق عنه المقدرة. وقرىء: «يصعد»، وأصله يتصعد. وقرأ عبد الله: «يتصعد». و «يصاعد». وأصله: يتصاعد ويصعد، من صعد، ويصعد من أصعد {يَجْعَلُ ٱللَّهُ ٱلرّجْسَ } يعني الخذلان ومنع التوفيق، وصفه بنقيض ما يوصف به التوفيق من الطيب. أو أراد الفعل المؤدّي إلى الرجس وهو العذاب من الارتجاس وهو الاضطراب {وَهَـٰذَا صِرٰطُ رَبّكَ } وهذا طريقه الذي اقتضته الحكمة وعادته في التوفيق والخذلان {مُّسْتَقِيماً } عادلاً مطرداً. وانتصابه على أنه حال مؤكدة كقوله:
{ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مُصَدّقًا } [البقرة: 91] {لَهُمْ} لقوم يذكرون {دَارُ ٱلسَّلَـٰمِ } دار الله، يعني الجنة أضافها إلى نفسه تعظيماً لها أو دار السلامة من كل آفة وكدر {عِندَ رَبّهِمْ } في ضمانه كما تقول لفلان عندي حق لا ينسى، أو ذخيرة لهم لا يعلمون كنهها، كقوله: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } } [السجدة: 17]، {وَهُوَ وَلِيُّهُم } مواليهم ومحبهم أو ناصرهم على أعدائهم {بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } بسبب أعمالهم، أو متوليهم بجزاء ما كانوا يعملون.