البأساء، والضراء: البؤس، والضر. وقيل: البأساء: القحط والجوع. والضراء: المرض ونقصان الأموال والأنفس. والمعنى: ولقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم { فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ } معناه: نفي التّضرع، كأنه قيل: فلم يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا. ولكنه جاء بلولا ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } من البأساء والضراء: أي تركوا الاتعاظ به ولم ينفع فيهم ولم يزجرهم { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء } من الصحة والسعة وصنوف النعمة، ليزاوج عليهم بين نوبتي الضراء والسراء، كما يفعل الأب المشفق بولده يخاشنه تارة ويلاطفه أخرى، طلباً لصلاحه { حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ } من الخير والنعم، لم يزيدوا على الفرح والبطر، من غير انتداب لشكر ولا تصدّ لتوبة واعتذار { أَخَذْنَـٰهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } واجمون، متحسرون آيسون { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ } آخرهم لم يترك منهم أحد، قد استؤصلت شأفتهم { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة، وأنه من أجلّ النعم وأجزل القسم. وقرىء: { فَتَحْنَا } بالتشديد.