{ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا } فزعم أن الله بعثه نبياً { أَوْ قَالَ أُوْحِى إِلَىَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَىْء } وهو مسيلمة الحنفي الكذاب. أو كذاب صنعاء الأسود العنسي. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
"رأيت فيما يرى النائم كأنّ في يديّ سوارين من ذهب فكبرا عليّ وأهماني فأوحى الله إليّ أن أنفخهما، فنفختهما فطارا عني، فأولتهما الكذابين الذين أنا بينهما: كذاب اليمامة مسيلمة. وكذاب صنعاء الأسود العنسي" ".{ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ ٱللَّهُ } هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي. (382) كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه سميعاً عليماً، كتب هو: عليماً حكيماً. وإذا قال: عليماً حكيماً، كتب غفوراً رحيماً. فلما نزلت:
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مّن طِينٍ } [المؤمنون: 12] إلى آخر الآية، عجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان: فقال: تبارك الله أحسن الخالقين. فقال عليه الصلاة والسلام اكتبها: فكذلك نزلت، فشك عبد الله وقال: لئن كان محمداً صادقاً لقد أوحي إليّ مثل ما أُوحي إليه. ولئن كان كاذباً فلقد قلت كما قال: فارتدّ عن الإسلام ولحق بمكة، ثم رجع مسلماً قبل فتح مكة. وقيل: هو النضر بن الحرث والمستهزؤن { وَلَوْ تَرَى } جوابه محذوف. أي: رأيت أمراً عظيماً { إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ } يريد الذين ذكرهم من اليهود والمتنبئة، فتكون اللام للعهد. ويجوز أن تكون للجنس فيدخل فيه هؤلاء لاشتماله. و { غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ } شدائده وسكراته، وأصل الغمرة: ما يغمر من الماء فاستعيرت للشدّة الغالبة { بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ } يبسطون إليهم أيديهم يقولون: هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم. وهذه عبارة عن العنف في السياق، والإلحاح، والتشديد في [ الإزهاق]، من غير تنفيس وإمهال، وإنهم يفعلون بهم فعل الغريم المسلط يبسط يده إلى من عليه الحق، ويعنف عليه في المطالبة ولا يمهله، ويقول له: [أخرج] إليّ ما لي عليك الساعة، ولا أريم مكاني، حتى أنزعه من أحداقك. وقيل: معناه باسطو أيديهم عليهم بالعذاب { أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ } خلصوها من أيدينا، أي لا تقدرون على الخلاص { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ } يجوز أن يريدوا وقت الإماتة وما يعذبون به من شدة النزع، وأن يريدوا الوقت الممتدّ المتطاول الذي يلحقهم فيه العذاب في البرزخ والقيامة. والهون الشديد، وإضافة العذاب إليه كقولك: رجل سوء يريد العراقة في الهوان والتمكن فيه { عَنْ ءايَـٰتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } فلا تؤمنون بها.