قرىء: «كونوا أنصار الله وأنصاراً لله». وقرأ ابن مسعود: «كونوا أنتم أنصار الله». وفيه زيادة حتم للنصرة عليهم. فإن قلت: ما وجه صحة التشبيه ـــ وظاهره تشبيه كونهم أنصاراً بقول عيسى صلوات الله عليه: { مَنْ أَنصَارِىۤ إِلَى ٱللَّهِ }؟ قلت: التشبيه محمول على المعنى، وعليه يصح. والمراد: كونوا أنصار الله كما الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم: { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ }. فإن قلت: ما معنى قوله: { مَنْ أَنصَارِىۤ إِلَى ٱللَّهِ }؟ قلت: يجب أن يكون معناه مطابقاً لجواب الحواريين { نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } والذي يطابقه أن يكون المعنى: من جندي متوجهاً إلى نصرة الله، وإضافة { أَنصَارِىۤ } خلاف إضافة { أَنْصَارَ ٱللَّهِ } فإنّ معنى { نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ }: نحن الذين ينصرون الله. ومعنى { مَنْ أَنصَارِىۤ } من الأنصار الذين يختصون بي ويكونون معي في نصرة الله؛ ولا يصح أن يكون معناه: من ينصرني مع الله؛ لأنه لا يطابق الجواب. والدليل عليه: قراءة من قرأ: «من أنصار الله». والحواريون أصفياؤه وهم أوّل من آمن به وكانوا اثنى عشر رجلاً؛ وحواري الرجل: صفيه وخلصانه من الحوار وهو البياض الخالص. والمُوَّارىٰ: الدرمك. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:
(1170)
"الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي" وقيل: كانوا قصارين يحوّرون الثياب يبيضونها. ونظير الحواري في زنته: الحوالي: الكثير الحيل { فَئَامَنَت طَّآئِفَةٌ } منهم بعيسى { وَكَفَرَت } به { طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا } مؤمنيهم على كفارهم، فظهروا عليهم. وعن زيد بن علي: كان ظهورهم بالحجة. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(1171)
"من قرأ سورة الصف كان عيسى مصلياً عليه مستغفراً له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه" .