{ فَأَمَّا } تفصيل للعرض: ها: صوت يصوّت به فيفهم منه معنى «خذ» كأفّ وحس، وما أشبه ذلك. و{ كِتَـٰبيَهْ } منصوب بهاؤم عند الكوفيين، وعند البصريين باقرؤا، لأنه أقرب العاملين. وأصله: هاؤم كتابي اقرؤا كتابي، فحذف الأوّل لدلالة الثاني عليه. ونظيره
{ { اتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } [الكهف: 96]، قالوا: ولو كان العامل الأوّل لقيل: اقرؤه وأفرغه، والهاء في { كِتَـٰبيَهْ } للسكت، وكذلك في { حِسَابِيَهْ } و { مَالِيَهْ } و { سُلْطَـٰنِيَهْ } وحق هذه الهآت أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل، وقد استحب إيثار الوقف إيثاراً لثباتها في المصحف. وقيل: لا بأس بالوصل والإسقاط. وقرأ ابن محيصن بإسكان الياء بغير هاء. وقرأ جماعة بإثبات الهاء في الوصل والوقف جميعاً لاتباع المصحف { ظَنَنتُ } علمت. وإنما أجري الظن مجرى العلم، لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام. ويقال: أظن ظناً كاليقين أنّ الأمر كيت وكيت { رَّاضِيَةٍ } منسوبة إلى الرضا؛ كالدارع والنابل. والنسبة نسبتان: نسبة بالحرف، ونسبة بالصيغة. أو جعل الفعل لها مجازاً وهو لصاحبها { عَالِيَةٍ } مرتفعة المكان في السماء. أو رفيعة الدرجات. أو رفيعة المباني والقصور والأشجار { دَانِيَةٌ } ينالها القاعد والنائم. يقال لهم { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً } أكلا وشرباً هنيئاً. أو هنيتم هنيئاً على المصدر { بِمَا أَسْلَفْتُمْ } بما قدمتم من الأعمال الصالحة { فِى ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } الماضية من أيام الدنيا. وعن مجاهد: أيام الصيام، أي: كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله. وروى يقول الله عز وجل: يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة؛ وغارت أعينكم، وخمصت بطونكم، فكونوا اليوم في نعيمكم، وكلوا وأشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية.