التفاسير

< >
عرض

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ
١٩
إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ
٢٠
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٢١
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
٢٣
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
-الحاقة

{ فَأَمَّا } تفصيل للعرض: ها: صوت يصوّت به فيفهم منه معنى «خذ» كأفّ وحس، وما أشبه ذلك. و{ كِتَـٰبيَهْ } منصوب بهاؤم عند الكوفيين، وعند البصريين باقرؤا، لأنه أقرب العاملين. وأصله: هاؤم كتابي اقرؤا كتابي، فحذف الأوّل لدلالة الثاني عليه. ونظيره { { اتُونِى أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً } [الكهف: 96]، قالوا: ولو كان العامل الأوّل لقيل: اقرؤه وأفرغه، والهاء في { كِتَـٰبيَهْ } للسكت، وكذلك في { حِسَابِيَهْ } و { مَالِيَهْ } و { سُلْطَـٰنِيَهْ } وحق هذه الهآت أن تثبت في الوقف وتسقط في الوصل، وقد استحب إيثار الوقف إيثاراً لثباتها في المصحف. وقيل: لا بأس بالوصل والإسقاط. وقرأ ابن محيصن بإسكان الياء بغير هاء. وقرأ جماعة بإثبات الهاء في الوصل والوقف جميعاً لاتباع المصحف { ظَنَنتُ } علمت. وإنما أجري الظن مجرى العلم، لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام. ويقال: أظن ظناً كاليقين أنّ الأمر كيت وكيت { رَّاضِيَةٍ } منسوبة إلى الرضا؛ كالدارع والنابل. والنسبة نسبتان: نسبة بالحرف، ونسبة بالصيغة. أو جعل الفعل لها مجازاً وهو لصاحبها { عَالِيَةٍ } مرتفعة المكان في السماء. أو رفيعة الدرجات. أو رفيعة المباني والقصور والأشجار { دَانِيَةٌ } ينالها القاعد والنائم. يقال لهم { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً } أكلا وشرباً هنيئاً. أو هنيتم هنيئاً على المصدر { بِمَا أَسْلَفْتُمْ } بما قدمتم من الأعمال الصالحة { فِى ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } الماضية من أيام الدنيا. وعن مجاهد: أيام الصيام، أي: كلوا واشربوا بدل ما أمسكتم عن الأكل والشرب لوجه الله. وروى يقول الله عز وجل: يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن الأشربة؛ وغارت أعينكم، وخمصت بطونكم، فكونوا اليوم في نعيمكم، وكلوا وأشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية.