التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ
٩٤
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْاْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا ٱلضَّرَّآءُ وَٱلسَّرَّآءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩٥
-الأعراف

{ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِٱلْبَأْسَاء } بالبؤس والفقر { وَٱلضَّرَّاء } بالضرّ والمرض لاستبكارهم عن اتباع نبيهم وتعززهم عليه { لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ } ليتضرعوا ويتذللوا ويحطوا أردية الكبر والعزة { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ ٱلسَّيّئَةِ ٱلْحَسَنَةَ } أي أعطيناهم بدل ما كانوا فيه من البلاء والمحنة والرخاء والصحة والسعة كقوله: { { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ } [الأعراف: 168] { حَتَّىٰ عَفَواْ } كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم، من قولهم: عفا النبات وعفا الشحم والوبر، إذا كثرت. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:

(397) "واعفوا عن اللحى" ، وقال الحطيئة:

بِمُسْتَأْسِدِ القِرْيَان عَافَ نَبَاتُهُ

وقال:

وَلَكِنَّا نَعُضُّ السَّيْفَ مِنْهَا بِأَسْوَقَ عَافِيَاتِ الشّحْمِ كُومِ

{ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا ٱلضَّرَّاء وَٱلسَّرَّاء } يعني وأبطرتهم النعمة وأشروا فقالوا: هذه عادة الدهر، يعاقب في الناس بين الضراء والسراء. وقد مسّ آباؤنا نحو ذلك، وما هو بابتلاء من الله لعباده، فلم يبق بعد ابتلائهم بالسيئات والحسنات إلاّ أن نأخذهم بالعذاب { فَأَخَذْنَـٰهُمْ } أشدّ الأخذ وأفظعه، وهو أخذهم فجأة من غير شعور منهم.