التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ
٢٦
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ
٢٧
وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ
٢٨
وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ
٢٩
إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ
٣٠
-القيامة

{ كَلاَّ } ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة، كأنه قيل: ارتدعوا عن ذلك، وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم، وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين. والضمير في { بَلَغَتِ } للنفس وإن لم يجر لها ذكر، لأنّ الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها، كما قال حاتم:

أَمَاوِيَّ مَا يُغْني الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى إذَا حَشْرَجَتْ يَوْماً وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ

وتقول العرب: أرسلت، يريدون: جاء المطر، ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء { ٱلتَّرَاقِىَ } العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال. ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي ودنا زهوقها: وقال حاضروا صاحبها - وهو المحتضر - بعضهم لبعض { مَنْ رَاقٍ } أيكم يرقيه مما به؟ وقيل: هو كلام ملائكة الموت: أيكم يرقى بروحه؟ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ { وَظَنَّ } المحتضر { أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } أنّ هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة { وَٱلْتَفَّتِ } ساقه بساقه والتوت عليها عند علز الموت. وعن قتادة: ماتت رجلاه فلا تحملانه، وقد كان عليهما جوّالاً. وقيل: شدّة فراق الدنيا بشدّة إقبال الآخرة، على أن الساق مثل في الشدّة. وعن سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين تلفان في أكفانه { ٱلْمَسَاقُ } أي يساق إلى الله وإلى حكمه.