التفاسير

< >
عرض

عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ
١
عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ
٢
ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ
٣
-النبأ

{ عَمَّ } أصله عما، على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية وهو في قراءة عكرمة وعيسى بن عمر. قال حسان رضي الله عنه:

عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمُنِى لَئِيمٌ كَخِنْزِيرٍ تَمَرَّغَ فِي رَمَادِ

والاستعمال الكثير على الحذف، والأصل: قليل ومعنى هذا الاستفهام: تفخيم الشأن، كأنه قال عن أي شأن يتساءلون ونحوه ما في قولك: زيد ما زيد؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره، كما تقول: ما الغول وما العنقاء؟ تريد: أي شيء هو من الأشياء هذا أصله؛ ثم جرد العبارة عن التفخيم، حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية { يَتَسَآءَلُونَ } يسأل بعضهم بعضاً. أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين نحو: يتداعونهم ويتراءونهم. والضمير لأهل مكة: كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث، ويتساءلون غيرهم عنه على طريق الاستهزاء { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ(2) } بيان للشأن المفخم. وعن ابن كثير قرأ «عمه» بهاء السكت، ولا يخلو: إما أن يجري الوصل مجرى الوقف وإما أن يقف ويبتدىء { يَتَسآءَلُونَ عَنِ ٱلنَّبَأ ٱلْعَظِيمِ(2) } على أن يضمر { يتساولون } لأنّ ما بعده يفسره، كشيء يبهم ثم يفسر. فإن قلت: قد زعمت أنّ الضمير في يتساءلون للكفار. فما تصنع بقوله { هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ }؟ قلت: كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث، ومنهم من يشك. وقيل: الضمير للمسلمين والكافرين جميعاً، وكانوا جميعاً يسألون عنه. أما المسلم فليزداد خشية واستعداداً وأما الكافر فليزداد استهزاء. وقيل: المتساءل عنه القرآن. وقيل: نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم. وقرىء «يساءلون» بالإدغام، وستعلمون بالتاء.