{ وَلاَ تَوَلَّوْاْ } قرىء بطرح إحدى التاءين وإدغامها، والضمير في { عَنْهُ } لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنّ المعنى: وأطيعوا رسول الله كقوله: الله ورسوله أحق أن يرضوه، ولأنّ طاعة الرسول وطاعة الله شيء واحد
{ مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } [النساء: 8] فكأن رجوع الضمير إلى أحدهما كرجوعه إليهما، كقولك: الإحسان والإجمال لا ينفع في فلان. ويجوز أن يرجع إلى الأمر بالطاعة، أي: ولا تولوا عن هذا الأمر وامتثاله وأنتم تسمعونه. أو ولا تتولوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تخالفوه { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } أي تصدقون لأنكم مؤمنون لستم كالصمّ المكذبين من الكفرة { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعْنَا } أي ادّعوا السماع { وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } لأنهم ليسوا بمصدّقين فكأنهم غير سامعين. والمعنى: أنكم تصدّقون بالقرآن والنبوة، فإذا توليتم عن طاعة الرسول في بعض الأمور من قسمة الغنائم وغيرها، كان تصديقكم كلا تصديق، وأشبه سماعكم سماع من لا يؤمن. ثم قال: { إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابّ } أي إن شر من يدب على وجه الأرض. أوإنّ شر البهائم الذين هم صمّ عن الحق لا يعقلونه، جعلهم من جنس البهائم، ثم جعلهم شرّها { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ } في هؤلاء الصم البكم { خَيْرًا } أي انتفاعاً باللطف { لأسْمَعَهُمْ } للطف بهم حتى يسمعوا سماع المصدقين، ثم قال: { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ } عنه. يعني: ولو لطف بهم لما نفع فيهم اللطف، فلذلك منعهم ألطافه. أو ولو لطف بهم فصدقوا لارتدوا بعد ذلك وكذبوا ولم يستقيموا، وقيل: هم بنو عبد الدار بن قصي لم يسلم منهم إلا رجلان: مصعب بن عمير، وسويد بن حرملة: كانوا يقولون: نحن صم بُكم عُمي عما جاء به محمد، لا نسمعه ولا نجيبه، فقتلوا جميعاً بأحد، وكانوا أصحاب اللواء. وعن ابن جريج: هم المنافقون. وعن الحسن: أهل الكتاب.