التفاسير

< >
عرض

إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ
١
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٢
وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ
٣
وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ
٤
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
٥
-الانشقاق

حذف جواب إذا ليذهب المقدر كل مذهب أو اكتفاء بماعلم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار. وقيل: جوابها ما دلّ عليه (فملاقيه) أي إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه. ومعناه: إذا انشقت بالغمام، كقوله تعالى: { { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ } [الفرقان: 25]، وعن علي رضي الله عنه: تنشق من المجرّة أذن له: استمع له. ومنه قوله عليه السلام:

(1279) "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبيّ يتغنى بالقرآن" . وقول حجاف بن حكيم:

أَذِنْتُ لَكُمْ لَمَّا سَمِعْتُ هَرِيرَكُمْ

والمعنى: أنها فعلت في انقيادها لله حين أراد انشقاقها فعل المطواع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع، كقوله: { أَتَيْنَا طَائِعِينَ } [فصلت: 11]، { وَحُقَّتْ } من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به، يعني: وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع. ومعناه الإيذان بأنّ القادر بالذات يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك { مُدَّتْ } من مدّ الشيء فامتدّ: وهو أن تزال جبالها وآكامها وكل أمت فيها، حتى تمتدّ وتنبسط ويستوي ظهرها، كما قال تعالى: { { قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً } [طه: 106 ــ 107]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: مدّت مدّ الأديم العكاظي؛ لأن الأديم إذا مدّ زال كل انثناء فيه وأمت واستوى أو من مدّه بمعنى أمدّه، أي: زيدت سعة وبسطة { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } ورمت بما في جوفها مما دفن فيها من الموتى والكنوز { وَتَخَلَّتْ } وخلت غاية الخلو حتى لم يبق شيء في باطنها، كأنها تكلفت أقصى جهدها في الخلو، كما يقال: تكرم الكريم، وترحم الرحيم: إذا بلغا جهدهما في الكرم والرحمة، وتكلفا فوق ما في طبعهما { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } في إلقاء ما في بطنها وتخليها.