مثل الله إثابتهم بالجنة على بذلهم أنفسهم وأموالهم في سبيله بالشروى. وروى: تاجرهم فأغلى لهم الثمن. وعن عمر رضي الله عنه فجعل لهم الصفقتين جميعاً. وعن الحسن: أنفساً هو خلقها وأموالاً هو رزقها. وروي:
(492) أنّ الأنصار حين بايعوه على العقبة قال عبد الله بن رواحة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. قال: اشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم. قال: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: لكم الجنة. قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. ومرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابيّ وهو يقرؤها فقال: كلام من؟ قال كلام الله. قال: بيع الله مربح لا نقيله ولا نستقيله، فخرج إلى الغزو فاستشهد { يُقَـٰتَلُونَ } فيه معنى الأمر، كقوله:
{ وَتُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ } [الصف: 11]. وقرىء: «فيقتلون» و «يقتلون» على بناء الأوّل للفاعل والثاني للمفعول، وعلى العكس { وَعْدًا } مصدر مؤكد. أخبر بأن هذا الوعد الذي وعده للمجاهدين في سبيله وعد ثابت قد أثبته { فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ } كما أثبته في القرآن، ثم قال: { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } لأنّ إخلاف الميعاد قبيح لا يقدم عليه الكرام من الخلق مع جوازه عليهم لحاجتهم، فكيف بالغني الذي لا يجوز عليه القبيح قط، ولا ترى ترغيباً في الجهاد أحسن منه وأبلغ.