فإن قلت: {رَضُواْ } ما موقعه؟ قلت: هو استئناف، كأنه قيل: ما بالهم استأذنوا وهم أغنياء؟ فقيل: رضوا بالدناءة والضعة والانتظام في جملة الخوالف {وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } يعني أن السبب في استئذانهم رضاهم بالدناءة وخذلان الله تعالى إياهم. فإن قلت: فهل يجوز أن يكون قوله: {قُلْتَ لاَ أَجِدُ } استئنافاً مثله، كأنه قيل: إذا ما أتوك لتحملهم تولوا، فقيل: ما لهم تولوا باكين؟ فقيل: قلت لا أجد ما أحملكم عليه. إلاّ أنه وسط بين الشرط والجزاء كالاعتراض {قُلْتَ } نعم ويحسن {لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } علة للنهي عن الاعتذار؛ لأن غرض المعتذر أن يصدق فيما يعتذر به، فإذا علم أنه مكذب وجب عليه الإخلال وقوله: {قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ } علة لانتفاء تصديقهم لأنّ الله عزّ وجلّ إذا أوحى إلى رسوله الإعلام بأخبارهم وما في ضمائرهم من الشرّ والفساد، لم يستقم مع ذلك تصديقهم في معاذيرهم {وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ } أتنيبون أم تثبتون على كفركم {ثُمَّ تُرَدُّونَ } إليه وهو عالم كل غيب وشهادة وسرّ وعلانية، فيجازيكم على حسب ذلك.