التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣
ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٤
-التكاثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

أما قوله تعالى: { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } فهو يتصل بما قبله وبما بعده أما الأول، فعلى وجه الرد والتكذيب أي ليس الأمر كما يتوهمه هؤلاء من أن السعادة الحقيقية بكثرة العدد والأولاد، وأما اتصاله بما بعده، فعلى معنى القسم أي حقاً سوف تعلمون لكن حين يصير الفاسق تائباً، والكافر مسلماً، والحريص زاهداً، ومنه قول الحسن: لا يغرنك كثرة من ترى حولك فإنك تموت وحدك، وتحاسب وحدك، وتقريره: { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء } [عبس: 34] و { َيَأْتِينَا فَرْداً } [مريم: 80] و { لَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ } إلى أن قال: { وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَـٰكُمْ } [الأنعام: 94] وهذا يمنعك عن التكاثر، وذكروا في التكوير وجوهاً أحدها: أنه للتأكيد، وأنه وعيد بعد وعيد كما تقول: للمنصوح أقول لك، ثم أقول لك لا تفعل وثانيها: أن الأول عند الموت حيث يقال له: لا بشرى والثاني في سؤال القبر: من ربك؟ والثالث عند النشور حين ينادي المنادي، فلأن شقى شقاوة لا سعادة بعدها أبداً وحين يقال: { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ } [يس: 59] وثالثها: عن الضحاك سوف تعلمون، أيها الكفار: ثم كلا سوف تعلمون أيها المؤمنون، وكان يقرؤها كذلك، فالأول وعيد والثاني وعد ورابعها: أن كل أحد يعلم قبح الظلم والكذب وحسن العدل والصدق لكن لا يعرف قدر آثارها ونتائجها، ثم إنه تعالى يقول: سوف تعلم العلم المفضل لكن التفصيل يحتمل الزائد فمهما حصلت زيادة لذة، ازداد علماً، وكذا في جانب العقوبة فقسم ذلك على الأحواس، فعند المعاينة يزداد، ثم عند البعث، ثم عند الحساب، ثم عند دخول الجنة والنار، فلذلك وقع التكرير وخامسها: أن إحدى الحالتين عذاب القبر والأخرى عذاب القيامة، كما روي عن ذر أنه قال: كنت أشك في عذاب القبر، حتى سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: إن هذه الآية تدل على عذاب القبر، وإنما قال: { ثُمَّ } لأن بين العالمين والحياتين موتاً.