التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ
٦
-الماعون

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

أما قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } فاعلم أن الفرق بين المنافق والمرائي؛ أن المنافق هو المظهر للإيمان المبطن للكفر، والمرائي المظهر ما ليس في قلبه من زيادة خشوع ليعتقد فيه من يراه أنه متدين، أو تقول: المنافق لا يصلي سراً والمرائي تكون صلاته عند الناس أحسن.

اعلم أنه يجب إظهار الفرائض من الصلاة والزكاة لأنها شعائر الإسلام وتاركها مستحق للعن فيجب نفي التهمة بالإظهار. إنما الإخفاء في النوافل إلا إذا أظهر النوافل ليقتدى به، وعن بعضهم أنه رأى في المسجد رجلاً يسجد للشكر وأطالها، فقال: ما أحسن هذا لو كان في بيتكٰ لكن مع هذا قالوا: لا يترك النوافل حياء ولا يأتى بها رياء، وقلما يتيسر اجتناب الرياء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على المسح الأسود" فإن قيل: ما معنى المراءاة؟ قلنا هي مفاعلة من الإراءة لأن المرائي يرى الناس عمله، وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به.

واعلم أن قوله: { عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } يفيد أمرين: إخراجها عن الوقت، وكون الإنسان غافلاً فيها، قوله: { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَاءونَ } يفيد المراءاة، فظهر أن الصلاة يجب أن تكون خالية عن هذه الأحوال الثلاثة.