التفاسير

< >
عرض

إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ
٢٢
لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ
٢٣
-النحل

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أنه تعالى لما زيف فيما تقدم طريقة عبدة الأوثان والأصنام وبين فساد مذهبهم بالدلائل القاهرة قال: { إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } ثم ذكر تعالى ما لأجله أصر الكفار على القول بالشرك وإنكار التوحيد فقال: { فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } والمعنى أن الذين يؤمنون بالآخرة ويرغبون في الفوز بالثواب الدائم ويخافون الوقوع في العقاب الدائم إذا سمعوا الدلائل والترغيب والترهيب، خافوا العقاب فتأملوا وتفكروا فيما يسمعونه، فلا جرم ينتفعون بسماع الدلائل، ويرجعون من الباطل إلى الحق، أما الذين لا يؤمنون بالآخرة وينكرونها فإنهم لا يرغبون في حصول الثواب ولا يرهبون من الوقوع في العقاب فيبقون منكرين لكل كلام يخالف قولهم ويستكبرون عن الرجوع إلى قول غيرهم، فلا جرم يبقون مصرين على ما كانوا عليه من الجهل والضلال.

ثم قال تعالى: { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } والمعنى أنه تعالى يعلم أن إصرارهم على هذه المذاهب الفاسدة ليس لأجل شبهة تصوروها أو إشكال تخيلوه، بل ذلك لأجل التقليد والنفرة عن الرجوع إلى الحق والشغف بنصرة مذاهب الأسلاف والتكبر والنخوة. فلهذا قال: { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ } وهذا الوعيد يتناول كل المتكبرين.