التفاسير

< >
عرض

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٣٣
فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٣٤
-النحل

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أن هذا هو الشبهة الثانية لمنكري النبوة، فإنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل الله تعالى ملكاً من السماء يشهد على صدقه في ادعاء النبوة فقال تعالى: { هَلْ يَنظُرُونَ } في التصديق بنبوتك إلا أن تأتيهم الملائكة شاهدين بذلك، ويحتمل أن يقال: إن القوم لما طعنوا في القرآن بأن قالوا: إنه أساطير الأولين، وذكر الله تعالى أنواع التهديد والوعيد لهم، ثم أتبعه بذكر الوعد لمن وصف القرآن بكونه خيراً وصدقاً وصواباً، عاد إلى بيان أن أولئك الكفار لا ينزجرون عن الكفر بسبب البيانات التي ذكرناها، بل كانوا لا ينزجرون عن تلك الأقوال الباطلة إلا إذا جاءتهم الملائكة بالتهديد وأتاهم أمر ربك وهو عذاب الاستئصال.

واعلم أن على كلا التقديرين فقد قال تعالى: { كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي كلام هؤلاء وأفعالهم يشبه كلام الكفار المتقدمين وأفعالهم.

ثم قال: { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } والتقدير: كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم الهلاك المعجل وما ظلمهم الله بذلك، فإنه أنزل بهم ما استحقوه بكفرهم، ولكنهم ظلموا أنفسهم بأن كفروا، وكذبوا الرسول فاستوجبوا ما نزل بهم.

ثم قال: { فَأَصَابَهُمْ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } والمراد أصابهم عقاب سيئات ما عملوا { وَحَاقَ بِهِم } أي نزل بهم على وجه أحاط بجوانبهم: { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي عقاب استهزائهم.