التفاسير

< >
عرض

وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ
٥٤
أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ
٥٥
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ
٥٦
فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ
٥٧
وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ
٥٨
-النمل

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

القصة الرابعة ـ قصة لوط عليه السلام

قال صاحب «الكشاف»، واذكر لوطاً أو أرسلنا لوطاً بدلالة { { وَلَقَدْ أَرْسَلنَا } [النمل: 45] عليه، و(إذ) بدل على الأول ظرف على الثاني.

أما قوله: { أَتَأْتُونَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } فهو على وجه التنكير وإن كان بلفظ الاستفهام وربما كان التوبيخ بمثل هذا اللفظ أبلغ.

أما قوله: { وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ففيه وجوه: أحدها: أنهم كانوا لا يتحاشون من إظهار ذلك على وجه الخلاعة ولا يتكاتمون وذلك أحد ما لأجله عظم ذلك الفعل منهم فذكر في توبيخه لهم ماله عظم ذلك الفعل وثانيها: أن المراد بصر القلب أي تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها وأن الله تعالى لم يخلق الذكر للذكر فهي مضادة لله في حكمته وثالثها: تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم، فإن قلت فسرت (تبصرون) بالعلم وبعده { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } فكيف يكونون علماء وجهلاء؟ قلت أراد تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك أو تجهلون العاقبة أو أراد بالجهل السفاهة والمجانة التي كانوا عليها، ثم إنه تعالى بين جهلهم بأن حكى عنهم أنهم أجابوا عن هذا الكلام بما لا يصلح أن يكون جواباً له فقال: { فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُواْ ءالَ لُوطٍ مّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } فجعلوا الذي لأجله يخرجون أنهم يتطهرون من هذا الصنيع الفاحش وهذا يوجب تنعيمهم وتعظيمهم أولى لكن في المفسرين من قال: إنما قالوا ذلك على وجه الهزء، ثم بين تعالى أنه نجاه وأهله إلا امرأته وأهلك الباقين وقد تقدم كل ذلك مشروحاً، والله أعلم، وههنا آخر القصص في هذه السورة، والله أعلم.