التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ
٢١
-سبأ

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

قد ذكرنا في تفسير قوله تعالى: { { فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ } [العنكبوت: 3] أن علم الله من الأزل إلى الأبد محيط بكل معلوم وعلمه لا يتغير وهو في كونه عالماً لا يتغير ولكن يتغير تعلق علمه، فإن العلم صفة كاشفة يظهر بها كل ما في نفس الأمر فعلم الله في الأزل أن العالم سيوجد، فإذا وجد علمه موجوداً بذلك العلم، وإذا عدم يعلمه معدوماً بذلك، مثاله: أن المرآة المصقولة فيها الصفاء فيظهر فيها صورة زيد إن قابلها، ثم إذا قابلها عمرو يظهر فيها صورته، والمرآة لم تتغير في ذاتها ولا تبدلت في صفاتها، إنما التغير في الخارجات فكذلك ههنا قوله: { إِلاَّ لِنَعْلَمَ } أي ليقع في العلم صدور الكفر من الكافر والإيمان من المؤمن وكان قبله فيه أنه سيكفر زيد ويؤمن عمرو.

وقوله: { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَـٰنٍ } إشارة إلى أنه ليس بملجىء وإنما هو آية، وعلامة خلقها الله لتبيين ما هو في علمه السابق، وقوله: { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ } يحقق ذلك أي الله تعالى قادر على منع إبليس عنهم عالم بما سيقع، فالحفظ يدخل في مفهومه العلم والقدرة، إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه حفظه ولا العاجز.