التفاسير

< >
عرض

وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٣٢
-يس

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

لما بين الإهلاك بين أنه ليس من أهلكه الله تركه، بل بعده جمع وحساب وحبس وعقاب، ولو أن من أهلك ترك لكان الموت راحة، ونعم ما قال القائل:

ولو أنا إذا متنا تركنالكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثناونسأل بعده من كل شيء

وقوله: { وَإِن كُلٌّ لَّمَّا } في إن وجهان أحدهما: أنها مخففة من الثقيلة واللام في لما فارقة بينها وبين النافية، وما زائدة مؤكدة في المعنى، والقراءة حينئذٍ بالتخفيف في لما وثانيهما: أنها نافية ولما بمعنى إلا، قال سيبويه: يقال نشدتك بالله لما فعلت، بمعنى إلا فعلت، والقراءة حينئذٍ بالتشديد في لما، يؤيد هذا ما روي أن أبياً قرأ { وَمَا كُلٌّ إِلاَّ جَمِيعٌ } وفي قوله سيبويه: لما بمعنى إلا وارد معنى مناسب وهو أن لما كأنها حرفا نفي جمعاً وهما لم وما فتأكد النفي، ولهذا يقال في جواب من قال قد فعل لما يفعل، وفي جواب من قال فعل لم يفعل، وإلا كأنها حرفا نفي إن ولا فاستعمل أحدهما مكان الآخر، قال الزمخشري: فإن قال قائل كل وجميع بمعنى واحد، فكيف جعل جميعاً خبراً لكل حيث دخلت اللام عليه، إذ التقدير وإن كل لجميع، نقول معنى جميع مجموع، ومعنى كل كل فرد بحيث لا يخرج عن الحكم أحد، فصار المعنى كل فرد مجموع مع الآخر مضموم إليه، ويمكن أن يقال محضرون، يعني عما ذكره، وذلك لأنه لو قال: وإن جميع لجميع محضرون، لكان كلاماً صحيحاً ولم يوجد ما ذكره من الجواب، بل الصحيح أن محضرون كالصفة للجميع، فكأنه قال جميع جميع محضرون، كما يقال الرجل رجل عالم، والنبي نبي مرسل، والواو في { وَإِن كُلُّ } لعطف الحكاية على الحكاية، كأنه يقول بينت لك ما ذكرت، وأبين أن كلاً لدينا محضرون.