التفاسير

< >
عرض

وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ
٤٣
-يس

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم قال تعالى: { وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } إشارة إلى فائذتين أحداهما: أن في حال النعمة ينبغي أن لا يأمنوا عذاب الله وثانيتهما: هو أن ذلك جواب سؤال مقدر وهو أن الطبيعي يقول السفينة تحمل بمقتضى الطبيعة والمجوف لا يرسب فقال ليس كذلك بل لو شاء الله أغرقهم وليس ذلك بمقتضى الطبع ولو صح كلامه الفاسد لكان لقائل أن يقول: ألست توافق أن من السفن ما ينقلب وينكسر ومنها ما يثقبه ثاقب فيرسب وكل ذلك بمشيئة الله فإن شاء الله إغراقهم من غير شيء من هذه الأسباب كما هو مذهب أهل السنة أو بشيء من تلك الأسباب كما تسلم أنت.

وقوله تعالى: { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } أي لا مغيث لهم يمنع عنهم الغرق.

وقوله تعالى: { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } إذا أدركهم الغرق وذلك لأن الخلاص من العذاب، إما أن يكون بدفع العذاب من أصله أو برفعه بعد وقوعه فقال: لا صريخ لهم يدفع ولا هم ينقذون بعد الوقوع فيه، وهذا مثل قوله تعالى: { لاَّ تُغْنِ عَنّي شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ } فقوله: { لا صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } فيه فائدة أخرى غير الحصر وهي أنه تعالى قال لا صريخ لهم ولم يقل ولا منقذ لهم وذلك لأن من لا يكون من شأنه أن ينصر لا يشرع في النصرة مخافة أن يغلب ويذهب ماء وجهه، وإنما ينصر ويغيث من يكون من شأنه أن يغيث فقال لا صريخ لهم، وأما من لا يكون من شأنه أن ينقذ إذا رأى من يعز عليه في ضر يشرع في الإنقاذ، وإن لم يثق بنفسه في الإنقاذ ولا يغلب على ظنه. وإنما يبذل المجهود فقال: { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } ولم يقل ولا منقد لهم.