التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَكْسِبْ خَطِيۤئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً
١١٢
-النساء

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وذكروا في الخطيئة والإثم وجوهاً: الأول: أن الخطيئة هي الصغيرة، والإثم هو الكبيرة وثانيها: الخطيئة هي الذنب القاصر على فاعلها، والإثم هو الذنب المتعدي إلى الغير كالظلم والقتل. وثالثها: الخطيئة ما لا ينبغي فعله سواء كان بالعمد أو بالخطأ، والإثم ما يحصل بسبب العمد، والدليل عليه ما قبل هذه الآية وهو قوله { { وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } [النساء: 111] فبيّـن أن الإثم ما يكون سبباً لاستحقاق العقوبة.

وأما قوله { ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً } فالضمير في { بِهِ } إلى ماذا يعود؟ فيه وجوه: الأول: ثم يرم بأحد هذين المذكورين. الثاني: أن يكون عائداً إلى الإثم وحده لأنه هو الأقرب كما عاد إلى التجارة في قوله { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَـٰرَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّواْ إِلَيْهَا } الثالث: أن يكون عائداً إلى الكسب، والتقدير: يرم بكسبه بريئاً، فدل يكسب على الكسب. الرابع: أن يكون الضمير راجعاً إلى معنى الخطيئة فكأنه قال: ومن يكسب ذنباً ثم يرم به بريئاً.

وأما قوله { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَـٰناً } فالبهتان أن ترمي أخاك بأمر منكر وهو برىء منه.

وأعلم أن صاحب البهتان مذموم في الدنيا أشد الذم، ومعاقب في الآخرة أشد العقاب، فقوله { فَقَدِ ٱحْتَمَلَ بُهْتَـٰناً } إشارة إلى ما يلحقه من الذم العظيم في الدنيا، وقوله { وَإِثْماً مُّبِيناً } إشارة إلى ما يلحقه من العقاب العظيم في الآخرة.