التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ
٣٢
-محمد

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

فيه وجهان أحدهما: هم أهل الكتاب قريظة والنضير والثاني: كفار قريش يدل على الأول قوله تعالى: { مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } قيل أهل الكتاب تبين لهم صدق محمد عليه السلام، وقوله { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } تهديد معناه هم يظنون أن ذلك الشقاق مع الرسول وهم به يشاقونه وليس كذلك، بل الشقاق مع الله فإن محمداً رسول الله ما عليه إلا البلاغ فإن ضروا يضروا الرسل لكن الله منزه عن أن يتضرر بكفر كافر وفسق فاسق، وقوله { وَسَيُحْبِطُ أَعْمَـٰلَهُمْ } قد علم معناه. فإن قيل قد تقدم في أول السورة أن الله تعالى أحبط أعمالهم فكيف يحبط في المستقبل؟ فنقول الجواب عنه من وجهين أحدهما: أن المراد من قوله { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [محمد: 1] في أول السورة المشركون، ومن أول الأمر كانوا مبطلين، وأعمالهم كانت على غير شريعة، والمراد من الذين كفروا ههنا أهل الكتاب وكانت لهم أعمال قبل الرسول فأحبطها الله تعالى بسبب تكذيبهم الرسول ولا ينفعهم إيمانهم بالحشر والرسل والتوحيد، والكافر المشرك أحبط عمله حيث لم يكن على شرع أصلاً ولا كان معترفاً بالحشر الثاني: هو أن المراد بالأعمال ههنا مكايدهم في القتال وذلك في تحقق منهم والله سيبطله حيث يكون النصر للمؤمنين، والمراد بالأعمال في أول السورة هو ما ظنوه حسنة.