التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ
٢٥
-المائدة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم إنه تعالى حكى عن موسى عليه السلام أنه لما سمع منهم هذا الكلام { قَالَ رَبّ إِنّى لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِى وَأَخِى } ذكر الزجاج في إعراب قوله { وَأَخِى } وجهين: الرفع والنصب، أما الرفع فمن وجهين: أحدهما: أن يكون نسقاً على موضع { إِنّى } والمعنى أنا لا أملك إلا نفسي، وأخي كذلك ومثله قوله { أَنَّ ٱللَّهَ بَرِىء مّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } [التوبة: 3] والثاني: أن يكون عطفاً على الضمير في { أَمْلِكُ } وهو «أنا» والمعنى: لا أملك أنا وأخي إلا أنفسنا، وأما النصب فمن وجهين: أحدهما أن يكون نسقاً على الياء، والتقدير: إني وأخي لا نملك إلا أنفسنا، والثاني: أن يكون { أَخِى } معطوفاً على { نَفْسِى } فيكون المعنى لا أملك إلا نفسي، ولا أملك إلا أخي، لأن أخاه إذا كان مطيعاً له فهو مالك طاعته.

فإن قيل: لم قال لا أملك إلا نفسي وأخي، وكان معه الرجلان المذكوران؟

قلنا: كأنه لم يثق بهما كل الوثوق لما رأى من إطباق الأكثرين على التمرد، وأيضاً لعلّه إنما قال ذلك تقليلاً لمن يوافقه، وأيضاً يجوز أن يكون المراد بالأخ من يواخيه في الدين، وعلى هذا التقدير فكانا داخلين في قوله { وَأَخِى }.

ثم قال: { فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَـٰسِقِينَ } يعني فافصل بيننا وبينهم بأن تحكم لنا بما نستحق وتحكم عليهم بما يستحقون، وهو في معنى الدعاء عليهم، ويحتمل أن يكون المراد خلصنا من صحبتهم، وهو كقوله { { وَنَجّنِى مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } [القصص: 21].