التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ
٢٣
أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
٢٤

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفي القرين وجهان أحدهما الشيطان الذي زين الكفر له والعصيان وهو الذي قال تعالى فيه { { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء } [فصلت: 25] وقال تعالى: { { نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف: 36] وقال تعالى: { { فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ } [الزخرف: 38] فالإشارة بهذا المسوق إلى المرتكب الفجور والفسوق، والعتيد معناه المعد للنار وجملة الآية معناها أن الشيطان يقول هذا العاصي شيء هو عندي معد لجهنم أعددته بالإغواء والإضلال، والوجه الثاني { وَقَالَ قَرِينُهُ } أي القعيد الشهيد الذي سبق ذكره وهو الملك وهذا إشارة إلى كتاب أعماله، وذلك لأن الشيطان في ذلك الوقت لا يكون له من المكانة أن يقول ذلك القول، ولأن قوله { هَـٰذَا مَا لَدَىَّ عَتِيدٌ } فيكون عتيد صفته، وثانيهما أن تكون موصولة، فيكون عتيد محتملاً الثلاثة أوجه أحدها: أن يكون خبراً بعد خبر والخبر الأول { مَا لَدَىَّ } معناه هذا الذي هو لدي وهو عتيد وثانيها: أن يكون عتيد هو الخبر لا غير، و { مَا لَدَىَّ } يقع كالوصف المميز للعتيد عن غيره كما تقول هذا الذي عند زيد وهذا الذي يجيئني عمرو فيكون الذي عندي والذي يجيئني لتمييز المشار إليه عن غيره ثم يخبر عنه بما بعده ثم يقال للسائق أو الشهيد { أَلْقِيَا فِى جَهَنَّمَ } فيكون هو أمراً لواحد، وفيه وجهان أحدهما أنه ثنى تكرار الأمر كما ألق ألق، وثانيهما عادة العرب ذلك.

وقوله { كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } الكفار يحتمل أن يكون من الكفران فيكون بمعنى كثير الكفران، ويحتمل أن يكون من الكفر، فيكون بمعنى شديد الكفر، والتشديد في لفظة فعال يدل على شدة في المعنى، والعنيد فعيل بمعنى فاعل من عند عنوداً ومنه العناد، فإن كان الكفار من الكفران، فهو أنكر نعم الله مع كثرتها.