التفاسير

< >
عرض

قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ
٢٨

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم قال تعالى: { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ }.

قد ذكرنا أن هذا دليل على أن هناك كلاماً قبل قوله { { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } [قۤ: 27] وهو قول الملقى في النار ربنا أطغاني وقوله { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ } يفيد مفهومه أن الاختصام كان ينبغي أن يكون قبل الحضور والوقوف بين يدي.

وقوله تعالى: { وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ }.

تقرير للمنع من الاختصام وبيان لعدم فائدته، كأنه يقول قد قلت إنكم إذا اتبعتم الشيطان تدخلون النار وقد اتبعتموه، فإن قيل ما حكم الباء في قوله تعالى: { بِٱلْوَعِيدِ }؟ قلنا فيها وجوه أحدها: أنها مزيدة كما في قوله تعالى { { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [المؤمنون: 20]، على قول من قال إنها هناك زائدة، وقوله { { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ } [النساء: 6] وثانيها: معدية فقدمت بمعنى تقدمت كما في قوله تعالى: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُقَدّمُواْ بَيْنَ يَدَىِ ٱللَّهِ } [الحجرات: 1] ثالثها: في الكلام إضمار تقديره، وقد قدمت إليكم مقترناً بالوعيد { { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَىَّ } [قۤ: 29] فيكون المقدم هو قوله، ما يبدل القول لدي، رابعها: هي المصاحبة يقول القائل: اشتريت الفرس بلجامه وسرجه أي معه فيكون كأنه تعالى قال: قدمت إليكم ما يجب مع الوعيد على تركه بالإنذار.