التفاسير

< >
عرض

وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
٢٢
-الذاريات

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وقوله تعالى: { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } فيه وجوه. أحدها: في السحاب المطر. ثانيها: { فِى ٱلسَّمَاء رَزَقَكُمُ } مكتوب. ثالثها: تقدير الأرزاق كلها من السماء ولولاه لما حصل في الأرض حبة قوت، وفي الآيات الثلاث ترتيب حسن وذلك لأن الإنسان له أمور يحتاج إليها لا بد من سبقها حتى يوجد هو في نفسه وأمور تقارنه في الوجود وأمور تلحقه وتوجد بعده ليبقى بها، فالأرض هي المكان وإليه يحتاج الإنسان ولا بد من سبقها فقال: { وَفِى ٱلأَرْضِ ءايَـٰتٌ } ثم في نفس الإنسان أمور من الأجسام والأعراض فقال: { وَفِى أَنفُسِكُمْ } ثم بقاؤه بالرزق فقال: { وَفِى ٱلسَّمَاء رِزْقُكُمْ } ولولا السماء لما كان للناس البقاء.

وقوله تعالى: { وَمَا تُوعَدُونَ } فيه وجوه. أحدها: الجنة الموعود بها لأنها في السماء. ثانيها: هو من الإيعاد لأن البناء للمفعول من أوعد يوعد أي وما توعدون إما من الجنة والنار في قوله تعالى: { { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } [الذاريات: 13] وقوله: { { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ } [الذاريات: 15] فيكون إيعاداً عاماً، وأما من العذاب وحينئذ يكون الخطاب مع الكفار فيكون كأنه تعالى قال: وفي الأرض آيات للموقنين كافية، وأما أنتم أيها الكافرون ففي أنفسكم آيات هي أظهر الآيات وتكفرون لها لحطام الدنيا وحب الرياسة، وفي السماء الأرزاق، فلو نظرتم وتأملتم حق التأمل، لما تركتم الحق لأجل الرزق، فإنه واصل بكل طريق ولاجتنبتم الباطل اتقاء لما توعدون من العذاب النازل.