التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكَ تَتَمَارَىٰ
٥٥
-النجم

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

قيل هذا أيضاً مما في الصحف، وقيل هو ابتداء كلام والخطاب عام، كأنه يقول: بأي النعم أيها السامع تشك أو تجادل، وقيل: هو خطاب مع الكافر، ويحتمل أن يقال مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقال: كيف يجوز أن يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: { تَتَمَارَىٰ } لأنا نقول هو من باب: { { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } [الزمر: 65] يعني لم يبق فيه إمكان الشك، حتى أن فارضاً لو فرض النبي صلى الله عليه وسلم ممن يشك أو يجادل في بعض الأمور الخفية لما كان يمكنه المراء في نعم الله والعموم هو الصحيح كأنه يقول: بأي آلاء ربك تتمارى أيها الإنسان، كما قال: { { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ ٱلْكَرِيمِ } [الانفطار: 6] وقال تعالى: { { وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ أَكْثَرَ شَيء جَدَلاً } [الكهف: 54] فإن قيل: المذكور من قبل نعم والآلاء نعم، فكيف آلاء ربك؟ نقول: لما عد من قبل النعم وهو الخلق من النطفة ونفخ الروح الشريفة فيه والإغناء والإقناء، وذكر أن الكافر بنعمه أهلك قال: { فَبِأَىّ آلاء رَبّكَ تَتَمَارَىٰ } فيصيبك مثل ما أصاب الذين تماروا من قبل، أو تقول: لما ذكر الإهلاك، قال للشاك: أنت ما أصابك الذي أصابهم وذلك بحفظ الله إياك: { فَبِأَىّ آلاء رَبّكَ تَتَمَارَىٰ } وسنزيده بياناً في قوله: { { فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ } [الرحمٰن: 13] في مواضع.