التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ
٨
-النجم

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه وجوه مشهورة أحدها: أن جبريل دنا من النبي صلى الله عليه وسلم أي بعد ما مد جناحه وهو بالأفق عاد إلى الصورة التي كان يعتاد النزول عليها وقرب من النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا ففي { تدلى } ثلاثة وجوه أحدها: فيه تقديم وتأخير تقديره ثم تدلى من الأفق الأعلى فدنا من النبي صلى الله عليه وسلم الثاني: الدنو والتدلي بمعنى واحد كأنه قال دنا فقرب الثالث: دنا أي قصد القرب من محمد صلى الله عليه وسلم وتحرك عن المكان الذي كان فيه فتدلى فنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم الثاني: على ما ذكرنا من الوجه الأخير في قوله { { وَهُوَ بِٱلأفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } [النجم: 7] أن محمداً صلى الله عليه وسلم دنا من الخلق والأمة ولان لهم وصار كواحد منهم { فتدل } أي فتدلى إليهم بالقول اللين والدعاء الرفيق فقال: { { إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَىَّ } [فصلت: 6] وعلى هذا ففي الكلام كما لان كأنه تعالى قال إلا وحي يوحي جبريل على محمد، فاستوى محمد وكمل فدنا من الخلق بعد علوه وتدلى إليهم وبلغ الرسالة الثالث: وهو ضعيف سخيف، وهو أن المراد منه هو ربه تعالى وهو مذهب القائلين بالجهة والمكان، اللّهم إلا أن يريد القرب بالمنزلة، وعلى هذا يكون فيه ما في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه تعالى "من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن مشى إليّ أتيته هرولة" إشارة إلى المعنى المجازي، وههنا لما بيّن أن النبي صلى الله عليه وسلم استوى وعلا في المنزلة العقلية لا في المكان الحسي قال وقرب الله منه تحقيقاً لما في قوله "من تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً" .