التفاسير

< >
عرض

وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
٣
-القمر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

ثم قال تعالى: { وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } وهو يحتمل أمرين أحدهما: وكذبوا محمداً المخبر عن اقتراب الساعة وثانيهما: كذبوا بالآية وهي انشقاق القمر، فإن قلنا: كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقوله: { وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } أي تركوا الحجة وأولوا الآيات وقالوا: هو مجنون تعينه الجن وكاهن يقول: عن النجوم ويختار الأوقات للأفعال وساحر، فهذه أهواءهم، وإن قلنا: كذبوا بانشقاق القمر، فقوله: { وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } في أنه سحر القمر، وأنه خسوف والقمر لم يصبه شيء فهذه أهواءهم، وكذلك قولهم في كل آية.

وقوله تعالى: { وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } فيه وجوه أحدها: كل أمر مستقر على سنن الحق يثبت والباطل يزهق، وحينئذ يكون تهديداً لهم، وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو كقوله تعالى: { { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبّئُكُم } [الزمر: 7] أي بأنها حق ثانيها: وكل أمر مستقر في علم الله تعالى: لا يخفى عليه شيء فهم كذبوا واتبعوا أهواءهم، والأنبياء صدقوا وبلغوا ما جاءهم، كقوله تعالى: { { لاَ يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِنْهُمْ شَىْء } [غافر: 16]، وكما قال تعالى في هذه السورة: { { وَكُلُّ شَىْء فَعَلُوهُ فِى ٱلزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } [القمر: 52، 53]، ثالثها: هو جواب قولهم: { سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ } أي ليس أمره بذاهب بل كل أمر من أموره مستقر.