التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ
٣٦
-القمر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه تبرئة لوط عليه السلام وبيان أنه أتى بما عليه فإنه تعالى لما رتب التعذيب على التكذيب وكان من الرحمة أن يؤخره ويقدم عليه الإنذارات البالغة بين ذلك فقال: أهلكناهم وكان قد أنذرهم من قبل، وفي قوله: { بَطْشَتَنَا } وجهان أحدهما: المراد البطشة التي وقعت وكان يخوفهم بها، ويدل عليه قوله تعالى: { { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَـٰصِباً } [القمر: 34] فكأنه قال: إنا أرسلنا عليهم ما سبق، ذكرها للإندار بها والتخويف وثانيهما: المراد بها ما في الآخرة كما في قوله تعالى: { { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } [الدخان: 16] وذلك لأن الرسل كلهم كانوا ينذرون قومهم بعذاب الآخرة كما قال تعالى: { { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [الليل: 14] وقال: { { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ } [غافر: 18] وقال تعالى: { { إِنَّا أَنذَرْنَـٰكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } [النبأ: 40] إلى غير ذلك، وعلى ذلك ففيه لطيفة وهي أن الله تعالى قال: { { إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } [البروج: 12] وقال ههنا: { بَطْشَتَنَا } ولم يقل: بطشنا وذلك لأن قوله تعالى: { إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } بيان لجنس بطشه، فإذا كان جنسه شديداً فكيف الكبرى منه، وأما لوط عليه السلام فذكر لهم البطشة الكبرى لئلا يكون مقصراً في التبليغ، وقوله تعالى: { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } يدل على أن النذر هي الإنذارات.