التفاسير

< >
عرض

خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ
١٤
-الرحمن

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفي الصلصال وجهان أحدهما: هو بمعنى المسنون من صل اللحم إذا أنتن، ويكون الصلصال حينئذ من الصلول وثانيهما: من الصليل يقال: صل الحديد صليلاً إذا حدث منه صوت، وعلى هذا فهو الطين اليابس الذي يقع بعضه على بعض فيحدث فيما بينهما صوت، إذ هو الطين اللازب الحر الذي إذا التزق بالشيء ثم انفصل عنه دفعة سمع منه عند الانفصال صوت، فإن قيل: الإنسان إذا خلق من صلصال كيف ورد في القرآن أنه خلق من التراب وورد أنه خلق من الطين ومن حمأ ومن ماء مهين إلى غير ذلك نقول: أما قوله { { مّن تُرَابٍ } [الحج: 5] تارة، و { { مّن مَّاء مَّهِينٍ } [المرسلات: 20] أخرى، فذلك باعتبار شخصين آدم خلق من الصلصال ومن حمأ وأولاده خلقوا من ماء مهين، ولولا خلق آدم لما خلق أولاده، ويجوز أن يقال: زيد خلق من حمأ بمعنى أن أصله الذي هو جده خلق منه، وأما قوله: { { مّن طِينٍ لاَّزِبٍ } [الصافات: 11] { { مّنْ حَمَإٍ } [الحجر: 26] وغير ذلك فهو إشارة إلى أن آدم عليه السلام خلق أولاً من التراب، ثم صار طيناً ثم حمأ مسنوناً ثم لازباً، فكأنه خلق من هذا ومن ذاك، ومن ذلك، والفخار الطين المطبوخ بالنار وهو الخزف مستعمل على أصل الاشتقاق، وهو مبالغة الفاخر كالعلام في العالم، وذلك أن التراب الذي من شأنه التفتت إذا صار بحيث يجعل ظرف الماء والمائعات ولا يتفتت ولا ينقع فكأنه يفخر على أفراد جنسه.