التفاسير

< >
عرض

إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً
٤
وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً
٥
فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً
٦
-الواقعة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

أي كانت الأرض كثيباً مرتفعاً والجبال مهيلاً منبسطاً، وقوله تعالى: { فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثّاً } كقوله تعالى في وصف الجبال: { { كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } [القارعة: 5] وقد تقدم بيان فائدة ذكر المصدر وهي أنه يفيد أن الفعل كان قولاً معتبراً ولم يكن شيئاً لا يلتفت إليه، ويقال فيه: إنه ليس بشيء فإذا قال القائل: ضربته ضرباً معتبراً لا يقول القائل فيه: ليس بضرب محتقراً له كما يقال: هذا ليس بشيء، والعامل في: { إِذَا رُجَّتِ } يحتمل وجوهاً أحدها: أن يكون إذا رجت بدلاً عن إذا وقعت فيكون العامل فيها ما ذكرنا من قبل ثانيها: أن يكون العامل في: { { إِذَا وَقَعَتِ } [الواقعة: 1] هو قوله: { { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا } [الواقعة: 2] والعامل في: { إِذَا رُجَّتِ } هو قوله: { { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } [الواقعة: 3] تقديره تخفض الواقعة وترفع وقت رج الأرض وبس الجبال والفاء للترتيب الزماني لأن الأرض مالم تتحرك والجبال مالم تنبس لا تكون هباء منبثاً، والبس التقليب، والهباء هو الهواء المختلط بأجزاء أرضية تظهر في خيال الشمس إذا وقع شعاعها في كوة، وقال: الذين يقولون: إن بين الحروف والمعاني مناسبة إن الهواء إذا خالطه أجزاء ثقيلة أرضية ثقل من لفظه حرف فأبدلت الواو الخفيفة بالباء التي لا ينطق بها إلا بإطباق الشفتين بقوة ما لو في الباء ثقل ما.