التفاسير

< >
عرض

ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ
٣٩
وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ
٤٠
-الواقعة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وقد ذكرنا ما فيه لكن هنا لطيفة: وهي أنه تعالى قال في السابقين: { { ثُلَّةٌ مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } [الواقعة: 13] قبل ذكر السرر والفاكهة والحور وذكر في أصحاب اليمين: { ثُلَّةٌ مّنَ ٱلأَوَّلِينَ } بعد ذكر هذه النعم، نقول: السابقون لا يلتفتون إلى الحور العين والمأكول والمشروب ونعم الجنة تتشرف بهم، وأصحاب اليمين يلتفتون إليها فقدم ذكرها عليهم ثم قال: هذا لكم وأما السابقون فذكرهم أولاً ثم ذكر مكانهم، فكأنه قال لأهل الجنة هؤلاء واردون عليكم. والذي يتمم هذه اللطيفة أنه تعالى لم يقدم ثلة السابقين إلا لكونهم مقربين حساً فقال: { ٱلْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّـٰتِ } [الواقعة: 11، 12] ثم قال: { ثُلَّةٌ } ثم ذكر النعم لكونها فوق الدنيا إلا المودة في القربى من الله فإنها فوق كل شيء، وإلى هذا أشار بقوله تعالى: { { قُل لاَّ أَسْـئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [الشورى: 23] أي في المؤمنين ووعد المرسلين بالزلفى في قوله: { { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } [ص: 25] وأما قوله: { { فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ } [الواقعة: 12] فقد ذكرنا أنه لتمييز مقربي المؤمنين من مقربي الملائكة، فإنهم مقربون في الجنة وهم مقربون في أماكنهم لقضاء الأشغال التي للناس وغيرهم بقدرة الله وقد بان من هذا أن المراد من أصحاب اليمين هم الناجون الذين أذنبوا وأسرفوا وعفا الله عنهم بسبب أدنى حسنة لا الذين غلبت حسناتهم وكثرت وسنذكر الدليل عليه في قوله تعالى: { { فَسَلَـٰمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَـٰبِ ٱلْيَمِينِ } [الواقعة: 91].