التفاسير

< >
عرض

أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ
٦٨
ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ
٦٩
لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ
٧٠
-الواقعة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

خصه بالذكر لأنه ألطف وأنظف أو تذكيراً لهم بالإنعام عليهم، والمزن السحاب الثقيل بالماء لا بغيره من أنواع العذاب يدل على ثقله قلب اللفظ وعلى مدافعة الأمر وهو التزم في بعض اللغات السحاب الذي مس الأرض وقد تقدم تفسير الأجاج أنه الماء المر من شدة الملوحة، والظاهر أنه هو الحار من أجيج النار كالحطام من الحطيم، وقد ذكرناه في قوله تعالى: { { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } [الفرقان: 53] ذكر في الماء الطيب صفتين إحداهما عائدة إلى طعمه والأخرى عائدة إلى كيفية ملمسه وهي البرودة واللطافة، وفي الماء الآخر أيضاً صفتين إحداهما عائدة إلى طعمه والأخرى عائدة إلى كيفية لمسه وهي الحرارة، ثم قال تعالى: { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } لم يقل عند ذكر الطعام الشكر وذلك لوجهين أحدهما: أنه لم يذكر في المأكول أكلهم، فلما لم يقل: تأكلون لم يقل: تشكرون وقال في الماء: { تَشْرَبُونَ } فقال: { تَشْكُرُونَ } والثاني: أن في المأكول قال: { { تَحْرُثُونَ } [الواقعة: 63] فأثبت لهم سعياً فلم يقل: تشكرون وقال في الماء: { أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ } لا عمل لكم فيه أصلاً فهو محض النعمة فقال: { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } وفيه وجه ثالث: وهو الأحسن أن يقال: النعمة لا تتم إلا عند الأكل والشرب ألا ترى أن في البراري التي لا يوجد فيها الماء لا يأكل الإنسان شيئاً مخافة العطش، فلما ذكر المأكول أولاً وأتمه بذكر المشروب ثانياً قال: { فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } على هذه النعمة التامة.