التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
-الحديد

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أنه لما قال في الآية الأولى: { فآتينا الذين آمنوا منهم } أي من قوم عيسى: { { أَجْرَهُمْ } [الحديد: 27] قال في هذه الآية: { يا أيها الذين آمنوا } والمراد به أولئك فأمرهم أن يتقوا الله ويؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام ثم قال: { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ } أي نصيبين من رحمته لإيمانكم أولاً بعيسى، وثانياً بمحمد عليه الصلاة والسلام، ونظيره قوله تعالى: { { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } [القصص: 54] عن ابن عباس أنه نزل في قوم جاءوا من اليمن من أهل الكتاب إلى الرسول وأسلموا فجعل الله لهم أجرين، وههنا سؤالان:

السؤال الأول: ما الكفل في اللغة؟ الجواب: قال المؤرج: الكفل النصيب بلغة هذيل وقال غيره بل هذه لغة الحبشة، وقال المفضل ابن مسلمة: الكفل كساء يديره الراكب حول السنام حتى يتمكن من القعود على البعير.

السؤال الثاني: أنه تعالى لما آتاهم كفلين وأعطى المؤمنين كفلاً واحداً كان حالهم أعظم والجواب: روي أن أهل الكتاب افتخروا بهذا السبب على المسلمين، وهو ضعيف لأنه لا يبعد أن يكون النصيب الواحد أزيد قدراً من النصيبين، فإن المال إذا قسم بنصفين كان الكفل الواحد نصفاً، وإذا قسم بمائة قسم كان الكفل الواحد جزء من مائة جزء، فالنصيب الواحد من القسمة الأولى أزيد من عشرين نصيباً من القسمة الثانية، فكذا ههنا، ثم قال تعالى: { وَيَجْعَل لَّكُمْ } أي يوم القيامة { نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } وهو النور المذكور في قوله { { يَسْعَىٰ نُورُهُم } [الحديد: 12] { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ما أسلفتم من المعاصي { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }.