التفاسير

< >
عرض

إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَآءً وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَوَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ
٢
لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣
-الممتحنة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

{ يَثْقَفُوكُمْ } يظفروا بكم ويتمكنوا منكم { يَكُونُواْ لَكُمْ } في غاية العداوة، وهو قول ابن عباس، وقال مقاتل: يظهروا عليكم يصادقوكم { وَيَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ } بالضرب { وَأَلْسِنَتَهُمْ } بالشتم { وَوَدُّواْ } أن ترجعوا إلى دينهم، والمعنى أن أعداء الله لا يخلصون المودة لأولياء الله لما بينهم من المباينة { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـامُكُمْ } لما عوتب حاطب على ما فعل اعتذر بأن له أرحاماً، وهي القرابات، والأولاد فيما بينهم، وليس له هناك من يمنع عشيرته، فأراد أن يتخذ عندهم يداً ليحسنوا إلى من خلفهم بمكة من عشيرته، فقال: { لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَـامُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ } الذين توالون الكفار من أجلهم، وتتقربون إليهم مخافة عليهم، ثم قال: { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } وبين أقاربكم وأولادكم فيدخل أهل الإيمان الجنة، وأهل الكفر النار { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي بما عمل حاطب، ثم في الآية مباحث:

الأول: ما قاله صاحب الكشاف: { إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُواْ لَكُمْ أَعْدَاء } كيف يورد جواب الشرط مضارعاً مثله، ثم قال: { وَوَدُّواْ } بلفظ الماضي نقول: الماضي وإن كان يجري في باب الشرط مجرى المضارع في علم الإعراب فإن فيه نكتة، كأنه قيل: وودوا قبل كل شيء كفركم وارتدادكم.

الثاني: { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } ظرف لأي شيء، قلنا لقوله: { لَن تَنفَعَكُمْ } أو يكون ظرفاً ليفصل وقرأ ابن كثير: { يُفَصّلُ } بضم الياء وفتح الصاد، و { يفصل } على البناء للفاعل وهو الله، و (نفصل) و (نفصل) بالنون.

الثالث: قال تعالى: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ولم يقل: خبير، مع أنه أبلغ في العلم بالشيء، والجواب: أن الخبير أبلغ في العلم والبصير أظهر منه فيه، لما أنه يجعل عملهم كالمحسوس بحس البصر، والله أعلم.