التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
-الجمعة

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

يعني أن الموت الذي تفرون منه بما قدمت أيديكم من تحريف الآيات وغيره ملاقيكم لا محالة، ولا ينفعكم الفرار ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة يعني ما أشهدتم الخلق من التوراة والإنجيل وعالم بما غيبتم عن الخلق من نعت محمد صلى الله عليه وسلم وما أسررتم في أنفسكم من تكذيبكم رسالته، وقوله تعالى: { فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } إما عياناً مقروناً بلقائكم يوم القيامة، أو بالجزاء إن كان خيراً فخير. وإن كان شراً فشر، فقوله: { إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ } هو التنبيه على السعي فيما ينفعهم في الآخرة وقوله: { فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } هو الوعيد البليغ والتهديد الشديد. ثم في الآية مباحث:

البحث الأول: أدخل الفاء لما أنه في معنى الشرط والجزاء، وفي قراءة ابن مسعود { مُلَـٰقِيكُمْ } من غير { فَإِنَّهُ }.

الثاني: أن يقال: الموت ملاقيهم على كل حال، فروا أو لم يفروا، فما معنى الشرط والجزاء؟ قيل: إن هذا على جهة الرد عليهم إذ ظنوا أن الفرار ينجيهم، وقد صرح بهذا المعنى، وأفصح عنه بالشرط الحقيقي في قوله:

ومن هاب أسباب المنايا تناله ولو نال أسباب السماء بسلم