التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ
٨
وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ
٩
وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
١٠
-المعارج

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

فيه مسألتان:

المسألة الأولى: { يَوْمَ تَكُونُ } منصوب بماذا؟ فيه وجوه أحدها: بقريباً، والتقدير: ونراه قريباً، يوم تكون السماء كالمهل، أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم وثانيها: التقدير: سأل سائل بعذاب واقع يوم تكون السماء كالمهل والثالث: التقدير يوم تكون السماء كالمهل كان كذا وكذا والرابع: أن يكون بدلاً من { يوم }، والتقدير سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم تكون السماء كالمهل.

المسألة الثانية: أنه ذكر لذلك اليوم صفات:

الصفة الأولى: أن السماء تكون فيه كالمهل وذكرنا تفسير المهل عند قوله: { { بِمَاء كَٱلْمُهْلِ } [الكهف: 29] قال ابن عباس: كدردى الزيت، وروى عنه عطاء: كعكر القطران، وقال الحسن: مثل الفضة إذا أذيبت، وهو قول ابن مسعود.

الصفة الثانية: أن تكون الجبال فيه كالعهن، ومعنى العهن في اللغة: الصوف المصبوغ ألواناً، وإنما وقع التشبيه به، لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح.

الصفة الثالثة: قوله: { وَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ } وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: قال ابن عباس الحميم القريب الذي يعصب له، وعدم السؤال إنما كان لاشتغال كل أحد بنفسه، وهو كقوله: { { تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } [الحج: 2] وقوله: { { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْء مِنْ أَخِيهِ } [عبس: 34] إلى قوله { { لِكُلّ ٱمْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37] ثم في الآية وجوه أحدها: أن يكون التقدير: لا يسأل حميم عن حميمه فحذف الجار وأوصل الفعل الثاني: لا يسأل حميم حميمه كيف حالك ولا يكلمه، لأن لكل أحد ما يشغله عن هذا الكلام الثالث: لا يسأل حميم حميماً شفاعة، ولا يسأل حميم حميماً إحساناً إليه ولا رفقاً به.

المسألة الثانية: قرأ ابن كثير: { وَلاَ يَسْـئَلُ } بضم الياء، والمعنى لا يسأل حميم عن حميمه ليتعرف شأنه من جهته، كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه، وهذا أيضاً على حذف الجار قال الفراء: أي لا يقال لحميم أين حميمك ولست أحب هذه القراءة لأنها مخالفة لما أجمع عليه القراء.