التفاسير

< >
عرض

وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً
١٠
-المزمل

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

المعنى إنك لما اتخذتني وكيلاً فاصبر على ما يقولون وفوض أمرهم إلي فإنني لما كنت وكيلاً لك أقوم بإصلاح أمرك أحسن من قيامك بإصلاح أمور نفسك، واعلم أن مهمات العباد محصورة في أمرين كيفية معاملتهم مع الله، وكيفية معاملتهم مع الخلق، والأول أهم من الثاني، فلما ذكر تعالى في أول هذه السورة ما يتعلق بالقسم الأول أتبعه بما يتعلق بالقسم الثاني، وهو سبحانه جمع كل ما يحتاج إليه من هذا الباب في هاتين الكلمتين، وذلك لأن الإنسان إما أن يكون مخالطاً للناس أو مجانباً عنهم فإن خالطهم فلا بد له من المصابرة على إيذائهم وإيحاشهم، فإنه إن كان يطمع منهم في الخير والراحة لم يجد فيقع في الغموم والأحزان، فثبت أن من أراد مخالطة مع الخلق فلا بد له من الصبر الكثير، فأما إن ترك المخالطة فذاك هو الهجر الجميل، فثبت أنه لا بد لكل إنسان من أحد هذين الأمرين، والهجر الجميل أن يجانبهم بقلبه وهواه ويخالفهم في الأفعال مع المدارة والإغضاء وترك المكافأة، ونظيره { { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ } [النساء: 63] { { وَأَعْرِض عَنِ ٱلْجَـٰهِلِينَ } [الأعراف: 199] { { فَأَعْرَضَ عَمَّ مَّن تَوَلَّىٰ عَن ذِكْرِنَا } [النجم: 29] قال المفسرون: هذه الآية إنما نزلت قبل آية القتال ثم نسخت بالأمر بالقتال، وقال آخرون: بل ذلك هو الأخذ بإذن الله فيما يكون أدعى إلى القبول فلا يرد النسخ في مثله وهذا أصح.