التفاسير

< >
عرض

ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً
١١
-المدثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

أجمعوا على أن المراد ههنا الوليد بن المغيرة، وفي نصب قوله وحيداً وجوه الأول: أنه نصب على الحال، ثم يحتمل أن يكون حالاً من الخالق وأن يكون حالاً من المخلوق، وكونه حالاً من الخالق على وجهين الأول: ذرني وحدي معه فإني كاف في الانتقام منه والثاني: خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد، وأما كونه حالاً من المخلوق، فعلى معنى أني خلقته حال ما كان وحيداً فريداً لا مال له، ولا ولد كقوله: { { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَـٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [الأنعام: 94]، القول الثاني: أنه نصب على الذم، وذلك لأن الآية نزلت في الوليد وكان يلقب بالوحيد، وكان يقول أنا الوحيد بن الوحيد، ليس لي في العرب نظير، ولا لأبي نظير. فالمراد ذرني ومن خلقت أعني وحيداً. وطعن كثير من المتأخرين في هذا الوجه، وقالوا: لا يجوز أن يصدقه الله في دعواه أنه وحيد لا نظير له، وهذا السؤال ذكره الواحدي وصاحب الكشاف، وهو ضعيف من وجوه الأول: أنا لما جعلنا الوحيد اسم علم فقد زال السؤال لأن اسم العلم لا يفيد في المسمى صفة بل هو قائم مقام الإشارة الثاني: لم لا يجوز أن يحمل على كونه وحيداً في ظنه واعتقاده؟ ونظيره قوله تعالى: { { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] الثالث: أن لفظ الوحيد ليس فيه أنه وحيد في العلو والشرف، بل هو كان يدعى لنفسه أنه وحيد في هذه الأمور. فيمكن أن يقال: أنت وحيد لكن في الكفر والخبث والدناءة القول الثالث: أن وحيداً مفعول ثان لخلق، قال أبو سعيد الضرير: الوحيد الذي لا أب له، وهو إشارة إلى الطعن في نسبه كما في قوله: { { عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [القلم: 13].