التفاسير

< >
عرض

عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ
٣٠
-المدثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه مسائل:

المسألة الأولى: المعنى أنه يلي أمر تلك النار، ويتسلط على أهلها تسعة عشر ملكاً، وقيل: تسعة عشر صنفاً، وقيل: تسعة عشر صفاً. وحكى الواحدي عن المفسرين: أن خزنة النار تسعة عشر مالك، ومعه ثمانية عشر أعينهم كالبرق، وأنيابهم كالصياصي، وأشعارهم تمس أقدامهم، يخرج لهب النار من أفواههم، ما بين منكبي أحدهم مسيرة سنة، يسع كف أحدهم مثل ربيعة ومضر، نزعت منهم الرأفة والرحمة، يأخذ أحدهم سبعين ألفاً في كفه ويرميهم حيث أراد من جهنم.

المسألة الثانية: ذكر أرباب المعاني في تقدير هذا العدد وجوهاً أحدها: وهو الوجه الذي تقوله أرباب الحكمة. أن سبب فساد النفس الإنسانية في قوتها النظرية والعملية هو القوى الحيوانية والطبيعية.

أما القوى الحيوانية فهي: الخمسة الظاهرة، والخمسة الباطنة، والشهوة والغضب، ومجموعهما اثنتا عشرة.

وأما القوى الطبيعة فهي: الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغاذية والنامية والمولدة، وهذه سبعة، فالمجموع تسعة عشر، فلما كان منشأ الآفات هو هذه التسعة عشر، لا جرم كان عدد الزبانية هكذا وثانيها: أن أبواب جهنم سبعة، فستة منها للكفار، وواحد للفساق، ثم إن الكفار يدخلون النار لأمور ثلاثة: ترك الاعتقاد وترك الإقرار وترك العمل، فيكون لكل باب من تلك الأبواب الستة ثلاثة والمجموع ثمانية عشر، وأما باب الفساق فليس هناك زبانية بسبب ترك الاعتقاد ولا بسبب ترك القول، بل ليس إلا بسبب ترك العمل، فلا يكون على بابهم إلا زبانية واحدة فالمجموع تسعة عشر وثالثها: أن الساعات أربعة وعشرون خمسة منها مشغولة بالصلوات الخمس فيبقى منها تسعة عشر مشغولة بغير العبادة، فلا جرم صار عدد الزبانية تسعة عشر.

المسألة الثالثة: قراءة أبي جعفر ويزيد وطلحة بن سليمان { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } على تقطيع فاعلان، قال ابن جني في المحتسب: والسبب أن الاسمين كاسم واحد، فكثرت الحركات، فأسكن أول الثاني للتخفيف، وجعل ذلك أمارة القوة اتصال أحد الإسمين بصاحبه، وقرأ أنس بن مالك { تِسْعَةَ عَشَرَ } قال أبو حاتم: هذه القراءة لا تعرف لها وجهاً، إلا أن يعني: تسعة أعشر جمع عشير مثل يمين وأيمن، وعلى هذا يكون المجموع تسعين.