التفاسير

< >
عرض

كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
٣٨
إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ
٣٩
-المدثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

قال صاحب «الكشاف»: رهينة ليست بتأنيث رهين في قوله: { { كُلُّ ٱمْرِىء بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ } [الطور: 21] لتأنيث النفس لأنه لو قصدت الصيغة لقيل: رهين، لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم، كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن، ومنه بيت الحماسة:

أبعد الذي بالنعف نعف كواكب رهينة رمس ذي تراب وجندل

كأنه قال: رهن رمس، والمعنى كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك إلا أصحاب اليمين، فإنهم فكوا عن رقاب أنفسهم بسبب أعمالهم الحسنة، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق، ثم ذكروا وجوهاً في أن أصحاب اليمين من هم؟ أحدها: قال ابن عباس: هم المؤمنون وثانيها: قال الكلبي: هم الذين قال (فيهم) الله تعالى: «هؤلاء في الجنة ولا أبالي» وهم الذين كانوا على يمين آدم وثالثها: قال مقاتل: هم الذين أعطوا كتبهم بأيمانهم لا يرتهنون بذنوبهم في النار ورابعها: قال علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عمر: هم أطفال المسلمين، قال الفراء: وهو أشبه بالصواب لوجهين: الأول: لأن الولدان لم يكتسبوا إثماً يرتهنون به والثاني: أنه تعالى ذكر في وصفهم، فقال: { { فِى جَنَّـٰتٍ يَتَسَاءلُونَ عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ } [المدثر: 40 ـ 42] وهذا إنما يليق بالولدان، لأنهم لم يعرفوا الذنوب، فسألوا { مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ } وخامسها: عن ابن عباس: هم الملائكة.