التفاسير

< >
عرض

وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ
٥
-المدثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

فيه مسائل:

المسألة الأولى: ذكروا في الرجز وجوهاً الأول: قال العتبي: الرجز العذاب قال الله تعالى: { { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرّجْزَ } [الأعراف: 134] أي العذاب ثم سمي كيد الشيطان رجزاً لأنه سبب للعذاب، وسميت الأصنام رجزاً لهذا المعنى أيضاً، فعلى هذا القول تكون الآية دالة على وجوب الاحتراز عن كل المعاصي، ثم على هذا القول احتمالان أحدهما: أن قوله: { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } يعني كل ما يؤدي إلى الرجز فاهجره، والتقدير وذا الزجر فاهجر أي ذا العذاب فيكون المضاف محذوفاً والثاني: أنه سمي إلى ما يؤدي إلى العذاب عذاباً تسمية للشيء، باسم ما يجاوره ويتصل به القول الثاني: أن الرجز اسم للقبيح المستقذر وهو معنى الرجس، فقوله: { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } كلام جامع في مكارم الأخلاق كأنه قيل له: اهجر الجفاء والسفه وكل شيء قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز، وهذا يشاكل تأويل من فسر قوله: { { وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ } [المدثر: 4] على تحسين الخلق وتطهير النفس عن المعاصي والقبائح.

المسألة الثانية: احتج من جوز المعاصي على الأنبياء بهذه الآية، قال لولا أنه كان مشتغلاً بها وإلا لما زجر عنها بقوله: { وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ } والجواب المراد منه الأمر بالمداومة على ذلك الهجران، كما أن المسلم إذا قال: اهدنا فليس معناه أنا لسنا على الهداية فاهدنا، بل المراد ثبتنا على هذه الهداية، فكذا ههنا.

المسألة الثالثة: قرأ عاصم في رواية حفص والرجز بضم الراء في هذه السورة وفي سائر القرآن بكسر الراء، وقرأ الباقون وعاصم في رواية أبي بكر بالكسر وقرأ يعقوب بالضم، ثم قال الفراء: هما لغتان والمعنى واحد، وفي كتاب الخليل الرجز بضم الراء عبادة الأوثان وبكسر الراء العذاب، ووسواس الشيطان أيضاً رجز، وقال أبو عبيدة: أفشى اللغتين وأكثرهما الكسر.