التفاسير

< >
عرض

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ
٥٠
فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ
٥١
-المدثر

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

قال ابن عباس: يريد الحمر الوحشية، ومستنفرة أي نافرة. يقال: نفر واستنفر مثل سخر، واستسخر، وعجب واستعجب، وقرىء بالفتح، وهي المنفرة المحمولة على النفار، قال أبو علي الفارسي: الكسر في مستنفرة أولى ألا ترى أنه قال: { فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } وهذا يدل على أنها هي استنفرت، ويدل على صحة ما قال أبو علي أن محمد بن سلام. قال: سألت أبا سوار الغنوي، وكان أعرابياً فصيحاً، فقلت: كأنهم حمر ماذا؟ فقال: مستنفرة طردها قسورة، قلت: إنما هو فرت من قسورة، قال أفرت؟ قلت: نعم، قال فمستنفرة إذا.

ثم قال تعالى: { فَرَّتْ } يعني الحمر { مِن قَسْوَرَةٍ }. وذكروا في القسورة وجوهاً أحدها: أنها الأسد يقال: ليوث قساور، وهي فعولة من القسر وهو القهر، والغلبة سمي بذلك لأنه يقهر السباع، قال ابن عباس: الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت كذلك هؤلاء المشركين إذا رأوا محمداً صلى الله عليه وسلم هربوا منه، كما يهرب الحمار من الأسد، ثم قال ابن عباس: القسورة، هي الأسد بلسان الحبشة، وخالف عكرمة فقال: الأسد بلسان الحبشة، عنبسة وثانيها: القسورة، جماعة الرماة الذين يتصيدونها، قال الأزهري: هو اسم جمع للرماة لا واحد له من جنسه وثالثها: القسورة: ركز الناس وأصواتهم ورابعها: أنها ظلمة الليل. قال صاحب «الكشاف»: وفي تشبيههم بالحمر شهادة عليهم بالبله، ولا ترى مثل نفار حمير الوحش، وإطرادها في العدو إذا خافت من شيء.