التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ
٣٨
فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ
٣٩
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
٤٠
-المرسلات

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

اعلم أن هذا هو النوع السابع: من أنواع تهديد الكفار، وهذا القسم من باب التعذيب بالتقريع والتخجيل، فأما قوله: { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } فاعلم أن ذلك اليوم يقع فيه نوعان من الحكومة أحدهما: ما بين العبد والرب وفي هذا القسم كل ما يتعلق بالرب فلا حاجة فيه إلى الفصل وهو ما يتعلق بالثواب الذي يستحقه المرء على عمله وكذا في العقاب إنما يحتاج إلى الفصل فيما يتعلق بجانب العبد وهو أن تقرر عليهم أعمالهم التي عملوها حتى يعترفوا.

والقسم الثاني: ما يكون بين العباد بعضهم مع بعض، فإن هذا يدعى على ذاك أنه ظلمني وذاك يدعى على هذا أنه قتلني فههنا لا بد فيه من الفصل وقوله: { جَمَعْنَـٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } كلام موضح لقوله: { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } لأنه لما كان هذا اليوم يوم فصل حكومات جميع المكلفين فلا بد من إحضار جميع المكلفين لا سيما عند من لا يجوز القضاء على الغائب، ثم قال: { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } يشير به إلى أنهم كانوا يدفعون الحقوق عن أنفسهم بضروب الحيل والكيد فكأنه قال: فههنا إن أمكنكم أن تفعلوا مثل تلك الأفعال المنكرة من الكيد والمكر والخداع والتلبيس فافعلوا، وهذا كقوله تعالى: { { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مّن مِّثْلِهِ } [البقرة:23] ثم إنهم يعلمون أن الحيل منقطعة والتلبيسات غير ممكنة، فخطاب الله تعالى لهم في هذه الحالة بقوله: { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } نهاية في التخجيل والتقريع، وهذا من جنس العذاب الروحاني، فلهذا قال عقيبة: { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ }.