التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً
٢٧
-النبأ

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه سؤالان:

الأول: وهو أن الحساب شيء شاق على الإنسان، والشيء الشاق لا يقال فيه إنه يرجى بل يجب أن يقال: إنهم كانوا لا يخشون حساباً والجواب من وجوه: أحدها: قال مقاتل وكثير من المفسرين قوله لا يرجون معناه لا يخافون، ونظيره قولهم في تفسير قوله تعالى: { مَالَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح: 13] وثانيها: أن المؤمن لا بد وأن يرجو رحمة الله لأنه قاطع بأن ثواب إيمانه زائد على عقاب جميع المعاصي سوى الكفر، فقوله: { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } إشارة إلى أنهم ما كانوا مؤمنين وثالثها: أن الرجاء ههنا بمعنى التوقع لأن الراجي للشيء متوقع له إلا أن أشرف أقسام التوقع هو الرجاء فسمى الجنس باسم أشرف أنواعه ورابعها: أن في هذه الآية تنبيهاً على أن الحساب مع الله جانب الرجاء فيه أغلب من جانب الخوف، وذلك لأن للعبد حقاً على الله تعالى بحكم الوعد في جانب الثواب ولله تعالى حق على العبد في جانب العقاب، والكريم قد يسقط حق نفسه، ولا يسقط ما كان حقاً لغيره عليه، فلا جرم كان جانب الرجاء أقوى في الحساب، فلهذا السبب ذكر الرجاء، ولم يذكر الخوف.

السؤال الثاني: أن الكفار كانوا قد أتوا بأنواع من القبائح والكبائر، فما السبب في أن خص الله تعالى هذا النوع من الكفر بالذكر في أول الأمر؟ الجواب: لأن رغبة الإنسان في فعل الخيرات، وفي ترك المحظورات، إنما تكون بسبب أن ينتفع به في الآخرة، فمن أنكر الآخرة، لم يقدم على شيء من المستحسنات، ولم يحجم عن شيء من المنكرات، فقوله: { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } تنبيه على أنهم فعلوا كل شر وتركوا كل خير.

والنوع الثاني: من قبائح أفعالهم قوله: