التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٤
ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ
٥
-النبأ

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

قال القفال: كلا لفظة وضعت لرد شيء قد تقدم، هذا هو الأظهر منها في الكلام، والمعنى ليس الأمر كما يقوله هؤلاء في النبأ العظيم إنه باطل أو إنه لا يكون، وقال قائلون كلا معناه حقاً، ثم إنه تعالى قرر ذلك الردع والتهديد، فقال: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } وهو وعيد لهم بأنهم سوف يعلمون أن ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق لا دافع له، واقع لا ريب فيه، وأما تكرير الردع، ففيه وجهان الأول: أن الغرض من التكرير التأكيد والتشديد، ومعنى ثم الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الوعيد الأول وأشد والثاني: أن ذلك ليس بتكرير، ثم ذكروا وجوهاً أحدها: قال الضحاك الآية الأولى للكفار والثانية للمؤمنين أي سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم وثانيها: قال القاضي: ويحتمل أن يريد بالأول سيعلمون نفس الحشر والمحاسبة، ويريد بالثاني سيعلمون نفس العذاب إذا شاهدوه وثالثها: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } ما الله فاعل بهم يوم القيامة { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } أن الأمر ليس كما كانوا يتوهمون من أن الله غير باعث لهم ورابعها: { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } ما يصل إليهم من العذاب في الدنيا وكما جرى على كفار قريش يوم بدر { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } بما ينالهم في الآخرة.

المسألة الثالثة: جمهور القراء قرأوا بالياء المنقطة من تحت في (سيعلمن) وروي بالتاء المنقطة من فوق عن ابن عامر. قال الواحدي: والأول أولى، لأن ما تقدم من قوله: { هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } [النبأ: 3] على لفظ الغيبة، والتاء على قل لهم: ستعلمون، وأقول: يمكن أن يكون ذلك على سبيل الالتفات، وهو ههنا متمكن حسن، كمن يقول: إن عبدي يقول كذا وكذا، ثم يقول لعبده: إنك ستعرف وبال هذا الكلام.