التفاسير

< >
عرض

فَحَشَرَ فَنَادَىٰ
٢٣
فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ
٢٤
-النازعات

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

فحشر فجمع السحرة كقوله: { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ } [الشعراء: 53] فنادى في المقام الذي اجتمعوا فيه معه، أو أمر منادياً فنادى في الناس بذلك، وقيل قام فيهم خطيباً فقال تلك الكلمة، وعن ابن عباس كلمته الأولى: { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38] والآخرة: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ }.

واعلم أنا بينا في سورة (طه) أنه لا يجوز أن يعتقد الإنسان في نفسه كونه خالقاً للسموات والأرض والجبال والنبات والحيوان والإنسان، فإن العلم بفساد ذلك ضروري، فمن تشكك فيه كان مجنوناً، ولو كان مجنوناً لما جاز من الله بعثة الأنبياء والرسل إليه، بل الرجل كان دهرياً منكراً للصانع والحشر والنشر، وكان يقول ليس لأحد عليكم أمر ولا نهي إلا لي، فأنا ربكم بمعنى مربيكم والمحسن إليكم، وليس للعالم إله حتى يكون له عليكم أمر ونهي، أو يبعث إليكم رسولاً، قال القاضي: وقد كان الأليق به بعد ظهور خزيه عند انقلاب العصا حية، أن لا يقول هذا القول. لأن عند ظهور الذلة والعجز، كيف يليق أن يقول: { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } فدلت هذه الآية على أنه في ذلك الوقت صار كالمعتوه الذي لا يدري ما يقول. واعلم أنه تعالى لما حكى عنه أفعاله وأقواله أتبعه بما عامله به وهو قوله تعالى: