التفاسير

< >
عرض

إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
٨
-الطارق

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: الضمير في أنه للخالق مع أنه لم يتقدم ذكره، والسبب فيه وجهان الأول: دلالة خلق عليه، والمعنى أن ذلك الذي خلق قادر على رجعه الثاني: أنه وإن لم يتقدم ذكره لفظاً، ولكن تقدم ذكر ما يدل عليه سبحانه، وقد تقرر في بدائة العقول أن القادر على هذه التصرفات، هو الله سبحانه وتعالى، فلما كان ذلك في غاية الظهور كان كالمذكور.

المسألة الثانية: الرجع مصدر رجعت الشيء إذا رددته، والكناية في قوله على رجعه إلى أي شيء ترجع؟ فيه وجهان أولهما: وهو الأقرب أنه راجع إلى الإنسان، والمعنى أن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداء وجب أن يقدر بعد موته على رده حياً، وهو كقوله تعالى: { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } [يس: 79] وقوله: { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27] وثانيهما: أن الضمير غير عائد إلى الإنسان، ثم قال مجاهد: قادر على أن يرد الماء في الإحليل، وقال عكرمة والضحاك: على أن يرد الماء في الصلب. وروي أيضاً عن الضحاك أنه قادر على رد الإنسان ماء كما كان قبل، وقال مقاتل بن حيان: إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة، واعلم أن القول الأول أصح، ويشهد له قوله: { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } أي أنه قادر على بعثه يوم القيامة، ثم إنه سبحانه لما أقام الدليل على صحة القول بالبعث والقيامة، وصف حاله في ذلك اليوم فقال: