التفاسير

< >
عرض

إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٨
-الأعلى

مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير

واختلفوا في المشار إليه بلفظ (هذا) منهم من قال: جميع السورة، وذلك لأن السورة مشتملة على التوحيد والنبوة والوعيد على الكفر بالله، والوعد على طاعة الله تعالى.

ومنهم من قال: بل المشار إليه بهذه الإشارة هو من قوله: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [الأعلى: 14] إشارة إلى تطهير النفس عن كل ما لا ينبغي. أما القوة النظرية فعن جميع العقائد الفاسدة، وأما في القوة العملية فعن جميع الأخلاق الذمية.

وأما قوله: { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبّهِ } [الأعلى: 15] فهو إشارة إلى تكميل الروح بمعرفة الله تعالى، وأما قوله: { { فَصَلَّىٰ } [الأعلى: 15] فهو إشارة إلى تكميل الجوارح وتزيينها بطاعة الله تعالى.

وأما قوله: { { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا } [الأعلى: 16] فهو إشارة إلى الزجر عن الالتفات إلى الدنيا.

وأما قوله: { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [الأعلى: 17] فهو إشارة إلى الترغيب في الآخرة وفي ثواب الله تعالى، وهذه أمور لا يجوز أن تختلف باختلاف الشرائع، فلهذا السبب قال: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } وهذا الوجه كما تأكد بالعقل فالخبر يدل عليه، روى عن أبي ذر أنه قال: قلت هل في الدنيا مما في صحف إبراهيم وموسى؟ فقال: اقرأ يا أبا ذر { { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [الأعلى: 14] وقال آخرون: إن قوله (هذا) إشارة إلى قوله: { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } وذلك لأن الإشارة راجعة إلى أقرب المذكورات وذلك هو هذه الآية، وأما قوله: { لَفِى ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } فهو نظير لقوله: { وَإِنَّهُ لَفِى زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } [الشعراء:196] وقوله: { شَرَعَ لَكُم مّنَ ٱلِدِينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً } [الشورى: 13].